تعليم الناشئة

وهبنا الله نعمة الأولاد، وهي نعمة لا تقدر بثمن؛ ولذلك وجب علينا أن نؤدي شكرها؛ وذلك بالعناية والاهتمام بتربيتهم التربية الصحيحة، يقول الله تعالى: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي .... [الأحقاف: ١٥].

ولكي تكون الذرية صالحة في الحياة، ينبغي أن نقدم لهم كل ما يُحسن من شأنهم، كالتعليم والصحة، والتغذية الجيدة، وإصلاح حالهم في شتى الجوانب، وقد تفنن الآباء والمربون في تربية الأبناء بطرق عديدة، ووسائل مختلفة كلها تؤدي إلى هدف نبيل واحد.

وثمة أمر يجب أن يتحقق قبل التعليم، ألا وهو الأدب وحسن الخلق؛ حتى يتهيأ الناشئ لتلقي العلم، وقد أشار إلى أهمية هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: «ما نحل والد ولده من نحل أفضل من أدب حسن» [أخرجه الترمذي]، وصدق الشاعر سعيد العباسي حين قال:

عَلِّمُوا النَّشْءَ عِلْمًا يَسْتَبِين بِهِ * سُبَلَ الحَيَاةِ وَقَبْلَ العِلْمِ أَخْلَاقًا

وأول ما يتعلّمه الناشئ من الآداب، أن يُحسن التأدب مع ربه، وذلك بإطاعة أوامره واجتناب نواهيه، وأداء العبادات التي فرضها الله عليه في أوقاتها، وأن يبر والديه، ويُوقر الكبير، ويحترم مدرسيه، ويحسن التعامل مع زملائه، بالإضافة إلى الآداب الأخرى مثل: آداب الطريق، والطعام والشراب، وغيرها.

وهناك طرق كثيرة من خلالها يتعلّم الناشئ القيم السمحة، كمحبة الله، والتعرف على نعمه فمتى ما تمكن هذا الحب في قلبه، فإنّه سيستشعر معية الله دائمًا، وهذا ما يجعله يصلح من أمره تجاه ربّه تعالى، ومن القيم أيضًا أن نعودهم أيضًا تحمل المسؤولية؛ ليعتمدوا على أنفسهم، ونعلمهم كيف يستغلوا أوقاتهم بكل ما هو نافع وأولى لئلا يشعروا بالفراغ العاطفي ويقعوا فيه.

وقد قيل إن أفضل استثمار هو الاستثمار في الأبناء، وحلم كل أب أن يرى ابنه حدقة عينه في أعلى المراتب، وطوبى لمن وفّق في أن يكون له ناشئ متميز مؤدب مثالي.

كما قيل في مثل صيني:

إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحا، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة، وإذا أردت أن تزرع لمائة سنة فازرع إنسانا.