الصداقة

يُحِبّ الإنسان أن يعيش في جماعة من الناس، وأن يُكوّن صداقة معهم يشاركونه في جميع أحواله، ويساعدونه في حل المشكلات التي تقابله في حياته، وقديما قيل: أشك لذي المروءة، إما أن يُسليك، أو أن يخفف عنك

والصداقة هي علاقة تربط بين الناس، ولها الأثر الطيب في نفس الإنسان؛ ولكي يجد المرء من يكون له عضدًا وسندا، عليه أن يختار صديقًا تتمثل فيه صفات الشهامة والإخلاص والشجاعة؛ ليكون بها رفيقا لصديقه في الحياة للصديق الجيد صفات يتصف بها، منها: تقوى الله عز وجل، والمعاونة في كل الأمور الدنيوية والأخروية، والصدق في التعامل، وحفظ الأسرار، واحترام الرأي، والإحساس بالمسؤولية تجاه الصديق، والفرح لفرحه والحزن لحزنه، وإحسان الظن به، والوقوف معه في السراء والضراء، وهكذا تكون الصداقة الحقة

والصداقة تقوم على الأخلاق المحمودة، ولا تبنى فقط على تبادل المنافع، كما أن لها وسائل تساعد على حفظها واستمرارها وتقويتها، منها التعامل الحسن، والاعتذار الصادق بعد وقوع الأخطاء، والتسامح والعفو، وتبادل الهدايا، وتقديم يد العون في أَحْلك الظروف.

وللصداقة أهمية كبرى في حياة الإنسان؛ فيجب علينا منع الأسباب التي تؤدي إلى إفسادها وانقطاعها، كالغيبة والنميمة والنفاق، وزرع الفتن بين الأحباب واتباع سبل الشيطان في التفريق بين الناس، يقول الشاعر الشريف الرضي

رُبَّ أَخ لي لي لم تلده أمي *** ينفي الأذى عَنِّي وَيَجْلُو هَمِّي

ولكي تستمر الصداقة بلا انقطاع وانفصال، يجب الابتعاد عن التكبر واحتقار الآخرين والتدخل فيما لا يعني من شؤونهم، وظلمهم ونشر أسرارهم، والإساءة إليهم.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حق مجالسة الأصدقاء: «إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحوالجليس السوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخ الكير ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ : إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ : إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» [متفق عليه].